يرى أكثر من يعيش أكثر، فلا يكف عن الدهشة والاعتبار. وهذا على الرغم مما يطرأ على البصر ضعفا، والتركيز وهنا، والأمراض تراكما واستعصاء.
من تجاوزوا الستين حولا، كحال كاتب عجايب غراب أبيض، هم الأقلية في مجتمعنا. ووفق الجهاز المركزي للإحصاء لاتتجاوز نسبتهم السبعة في المائة.
والكاتب قبل أيام بدأ خطواته إلى العام السابع والستين. وهذا رقم نحس وعار في حياة المصريين والعرب، يحيل إلى ذكرى كارثة هزيمة مازالت آثارها باقية مؤثرة، وأسبابها وما قاد إليها كما هي. وكثير وصعب وبائس أن تعيش كل هذه الايام والليالي والسنوات في هذا البلد، وهذا العالم، وهذا الزمان. كثير وثقيل، وقد عشت صغيرا الهزيمة، أن ترى قابليتها للتكرار، ولأننا محكومون بنفس العقلية وبمن فيهم الداء.
ثقيلة علينا هذه الأيام، عندما تواجه، بينما يزداد الوهن، الأعباء المجنونة غير المنطقية للعلاج والطعام والكهرباء والمياه واستكمال تعليم الأبناء.
كيف والمصري من عباد الله غير النهابين المتسلطين يتقاضى معاش تقاعد لايكفى ثمن الدواء، إن وجد؟ وكيف يدب آمنا في طرقات المدن "غير الشريرة خارج جمهوريتهم الجديدة"؟ وألا يصبح عرضة للتعثر والكسور والرضوض. ولأن هناك سلطة تعتمد الظلم والإظلام، ولا تفكر في سلامة المسنين، ولا في حقوقهم بعد نهب أموال معاشاتهم.
لايملك المسنون إلا أن يرفعوا الأيادي بالدعاء على من سرقهم وأهانهم، واستهان بهم، وبعظامهم وهي تقترب من أن تكون رميما. يلجأون لله وحده كلما أمعن من سرقوا وأهانوا في القسوة على المجتمع، فتزداد قسوة الناس على كبار السن. بل ولا تستثني المحابس والظلم والظلمات من يجهر بكلمة حق أو احتجاج بين شيوخ هذا البلد.
يا الله.. إرحمنا، سئمنا، سئمنا، سئمنا.
وعجايب!
--------------------------
بقلم: كارم يحيى